سياسة
أحمد الدغرني: مثقف السياسة وسياسي الثقافة
19/10/2020 - 21:32
مهدي حبشييُحسب لهذا المولود سنة 1947 بقرية "تادارت" في آيت باعمران، أنه حاول إبان حياته تثقيف السياسة وتسييس الثقافة. فالحركة الأمازيغية تُعَرّف نفسها باعتبارها حركة ثقافية، همها النهوض والدفاع عن الإنسان الأمازيغي، هويته ولغاته وثقافته، المتميزة والفريدة، والتي قبلت على مر تاريخها كل التأثيرات القادمة من الشرق والشمال والجنوب.. دون أن تفقد ألوانها الخاصة.
لكن الدغرني كان من رواد فكرة أنه لا حياة لثقافة بدون إطار سياسي يحميها، ويحمل صوتها صوب أعلى مؤسسات الدولة، ما دفعه عام 2005 إلى تأسيس "الحزب الديمقراطي الأمازيغي"، لجعل القضية الأمازيغية جرماً تحوم في فلكه نجوم العلمانية والديمقراطية والحرية والمساواة.
الحزب لم يُعمِّر طويلاً، إذ أصدرت المحكمة الدستورية بعد خمسة أعوام فقط قراراً بحلِّه، باعتباره "حزباً عِرقياً"، وتلك من الموبقات التي يحظرها دستور البلاد. ومنذ ذلك الحين تترافع مكونات الحركة الأمازيغية لأجل إقناع المغاربة بأن الأمازيغية لم ولن تكون "عِرقاً"، بل "هوية" قوامها الأرض الممتدة من جزر الكناري غرباً إلى واحة سيوة في الشرق. وينتهي عمرُ الدغرني، ليُعمِّرَ النقاشُ من بعده...
الدغرني رجل محاماة، وكاتب لم ينضب قلمه حتى كف عن النبض قلبه... مقالاته كانت تحظى باهتمام شديد، وتحصد عشرات التعاليق بين مؤيد ومعارض، فهو لم يخلق ليكون رجل توافقات، بل رجل صِدام. صدامية كان يعتبرها إيجابية لخلق دينامية النقاش العمومي، وتحريك مياه ركدت منذ قرون. لم تكن كتاباته تقتصر على الحركة الأمازيغية وقضاياها فحسب، بل تعدتها إلى حقوق الإنسان والتاريخ السياسي، وغير ذلك من المواضيع التي تهم الرقعة الجغرافية التي ظل الرجل مؤمناً بانتمائه إليها حتى آخر رمق.
رحل الدغرني، لعله لم يحقق كل ما اشتهت نفسه من 73 حولاً من العمر، لكنه سينام قرير العين، فبفضله وبفضل "إمدوكال"، أي رفاق دربه من النشطاء الأمازيغ، تغير الكثير بين الأمس واليوم. ولعل دسترة اللغة الأمازيغية، والاعتراف الشعبي المتزايد بالهوية المغربية المتنوعة والفخورة بعروبتها وأمازيغيتها... كفيلان بمنحه نوماً أبدياً في سلام.
مقالات ذات صلة
عالم