اقتصاد
الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء و"التطبيع" مع إسرائيل.. أي فوائد اقتصادية؟
11/12/2020 - 20:26
مهدي حبشيأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الخميس 9 دجنبر 2020، اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وافتتاح بلاده قنصلية بمدينة الداخلة، تقوم بالأساس بمهام اقتصادية، من أجل تشجيع الاستثمارات الأمريكية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما أعلن ذات المصدر عن استئناف العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل.
انتعاش في اقتصاد الأقاليم الجنوبية
ذكر المختص في شؤون الشرق الأوسط، ومدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسي، باسكال بونيفاس، أن المغرب يمكنه انتظار آثار اقتصادية من هذا التطور، سواء من الجانب الأمريكي أو الإسرائيلي، على حد تعبيره على "RFI".
ويتصور الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، وفتح القنصيلة بالداخلة، له بعد اقتصادي، سيتيح جذب الاستثمارات الأمريكية إلى تلك المنطقة، والتي تتوفر على العديد من المؤهلات بفضل موقعها الجيوستراتيجي.
وأكد الاتحاد، في بلاغ له اليوم الجمعة الحادي عشر من دجنبر، أنه سيستمر في العمل مع الفاعلين الأمريكيين في القطاع الخاص، من أجل دعم الشراكة الاقتصادية الثنائية وتطوير مشاريع يكون لها أثر قوي بالنسبة لساكنة الأقاليم الجنوبية.
من جهته، اعتبر الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي ادريس الفينة أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء "سيفتح امام المناطق الجنوبية دينامية اجتماعية واقتصادية جد مهمة، قوامها الخطة الكبيرة التي أعلنها جلالة الملك للنهوض اقتصاديا بهذه المناطق".
وذهب الخبير، في تدوينة على "فيسبوك"، إلى أن أبرز المستفيدين سيكون "تطوير الاقتصاد الأزرق، وإنشاء محطات لتحلية المياه وإنتاج الطاقة الشمسية واستغلال مختلف الثروات البحرية والجوفية، والثروات المنجمية المتنوعة"، مضيفاً "كما أن ميناء الداخلة الأطلسي سيخلق دينامية كبيرة تجاه كل من إفريقيا وأوروبا وأمريكا".
وتقوم استراتيجية "الاقتصاد الأزرق" لتنمية الأقاليم الجنوبية، على اقتصاد بحري. إذ كان جلالة الملك محمد السادس قد أكد، خلال خطابه بمناسبة الذكرى الـ45 للمسيرة الخضراء على أن "الواجهة الأطلسية، بجنوب المملكة، قُبالة الصحراء المغربية، ستكون واجهةً بحريةً للتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي الذي سيتعزز أساساً بميناء الداخلة".
وينبني الاقتصاد الأزرق على الأنشطة البحرية التقليدية، كالصيد والسياحة وأنشطة الموانئ، علاوة على إحداث قطاعات جديدة، مثل الأحياء البحرية وصناعة السفن والمنتجات البيولوجية واستغلال ثروات الطاقة البحرية، من نفط وغاز وطاقات متجددة.
ويبلغ طول السواحل المغربية الصحراوية 600 كيلومتر، تقدر طاقتها الإنتاجية بنحو مليون طن من الأسماك سنويا. وتعد موانئ العيون وبوجدور والداخلة عصب ذلك الاقتصاد، حيث تحتوي تجهيزات متطورة ومرتبطة بعمليات الصيد، علاوة على وحدات معالجة وتصنيع وتخزين المنتجات البحرية.
آفاق مُستقبلية
واعتبر محمد الشيكر، رئيس مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث، أنه "من الناحية الاقتصادية فإن الآفاق المستقبلية التي سيفتحها هذا التطور للمغرب هي الأهم"، مضيفاً "أما من حيث علاقته الاقتصادية الراهنة بالولايات المتحدة وإسرائيل، فلن تتأثر بشكل كبير، ذلك أن المغرب من الدول القليلة التي تتوفر سلفاً على اتفاق للتبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية".
وقال الشيكر، في تصريح لـ"SNRTnews"، إن أهم الآفاق الاقتصادية الممكنة من هذا الاعتراف، هي مزيد من الانفتاح الاقتصادي على إفريقيا جنوب الصحراء، بدءً بموريتانيا التي ستوطد علاقاتها الاقتصادية بالمغرب. كما أن حل مشكل الصحراء بشكل نهائي يعني انفتاحاً أكبر على بناء الوحدة المغاربية، وما يوازيها من تكامل اقتصادي يصب في صالح كل شعوب المنطقة.
ويرى المتحدث أن النصر الحقيقي هو النصر الجيواستراتيجي بالأساس، بحيث قوى القرار الأمريكي موقف المغرب، وكرس سيادته على أقاليمه الجنوبية، مشدداً على أن "الخاسر الأكبر هي الجزائر التي ستذهب كل الأموال التي صرفتها لدعم الانفصاليين في الصحراء مهب الرياح".
أما في الجانب المتعلق باستئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، فإن بلاغ الديوان الملكي، شدد على "تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب".وهو ما يفتح الباب أمام السياحة المغربية للاستفادة من سوق السياحة الإسرائيلية، لاسيما وأن عدد الإسرائيليين من أصل مغربي يناهز المليون نسمة.
لكن الشيكر يعتبر أن الأمر لن يغير الكثير بالنسبة للسياحة المغربية، "لأن الإسرائيليين من أصول مغربية ما فتئوا يزورون المملكة منذ عقود، كما أن التعداد السكاني البسيط لتلك الدولة، الذي يناهز 9 ملايين نسمة فقط، لا يفتح سوقاً كبيراً للمغرب".
لكن مصدراً من الفيدرالية الوطنية للسياحة، يرى من جهته، أن قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية وتسهيل الرحلات، يمكن أن ينعكس إيجابا على السياحة في المستقبل، علما أن تدفق السياح الإسرائيليين نحو المغرب، كان مهما في الفترة بين 1994 و2002، عندما كان هنالك مكتب اتصال إسرائيلي بالرباط.
وذهب إلى أن ما يميز السياح الإسرائيليين، هو أنهم لا يأتون من أجل اكتشاف المعالم السياحية للمغرب فقط، بل إن العديد منهم يبحثون عن تجديد الصلات مع جذورهم، التي يحنون إليها، رغم إقامتهم في إسرائيل.
وقد لا يقتصر التأثير على السياحة، بل يمكن أن يشمل المبادلات التجارية بين البلدين، وبعض القطاعات الإنتاجية، خاصة في الجانب الفلاحي، الذي يُعترف فيه لإسرائيل بتحقيق تقدم كبير في مجال البحث والتطوير.
مقالات ذات صلة
سياسة
الأنشطة الملكية
اقتصاد