رياضة
الدكيك .. مدرب انتشل الأسود من القاع إلى القمة
23/09/2021 - 17:03
صلاح الكومريحين تولى هشام الدكيك (49 سنة)، تدريب المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة سنة 2010، كانت "الأسود" مرمية في المركز 102 في التصنيف العالمي، مهملة، بدون استراتيجية عمل، وقتها، شكك بعض أعضاء جامعة الكرة في قدرة الدكيك على النجاح، بل هناك من توقع له الفشل في أول محطة.
اليوم يحصد هشام الدكيك، اللاعب والمدرب السابق لنادي أجاكس القنيطرة، ثمار 10 سنوات من العمل المتواصل بجد وكفاح ببلوغ المنتخب الوطني دور ربع نهائي كأس العالم في ليتوانيا، ليصر "الأسود" أول منتخب عربي وإفريقي يصل لهذا الدور في هذه البطولة.
قبل استلام الدكيك لمهمته سنة 2010، كان المنتخب المغربي يعاني سوء النتائج، وفي إحدى المباريات، برسم التصفيات الإفريقية، انهزمت العناصر الوطنية بحصة عريضة في قاعة ابن ياسين بالرباط، فتوجه الدكيك، وكان وقتها عميدا للنخبة الوطنية، إلى أحد مسؤولي الجامعة، وقال له: "أستطيع إخراج المنتخب المغربي من وضعيته الحالية إذا تكلفت بمهمة تدريبه"، فرد عليه المسؤول الجامعي: "هل جننت، هل تريد قنبلة موقوتة؟"، فأجاب الدكيك بنبرة الواثق: "فلترمي إليّ هذه القنبلة، وستراني كيف أجعلها نجمة عالمية".
في هذا السياق يقول محمد الجفال، الإعلامي والعضو السابق في اللجنة المركزية لكرة القدم داخل القاعة بجامعة الكرة سنة 2010: "اكتشفت في هشام الدكيك طموحا كبيرا ورغبة في النجاح، فاقترحته على باقي أعضاء اللجنة، قلت لهم إنه يستحق فرصة إظهار قدرته في قيادة الفريق الوطني، كان واثقا من قدراته رغم أن كرة القدم داخل القاعة لم تكن تحظ بالاهتمام اللازم وقتها، إذ كانت تعاني ضعف وغياب الإمكانيات المادية واللوجيستية".
رغم أن الدكيك، ابن مدينة القنيطرة، لم يكن يتقاضى راتبا، ولا حتى منحا أو حوافز مالية، إلا أنه قرر التضحية، وبإمكانيات بسيطة جدا، لدرجة أنه كان يتكفل، أحيانا، بتوفير المعدات والألبسة الرياضية للعناصر الوطنية من ماله الخاص، ونجح في أول اختبار له، حين قاد النخبة الوطنية إلى التأهل لكأس العالم سنة 2012، في التايلاند.
يقول محمد الجفال، في اتصال هاتفي مع SNRTnews: "لم يكن المنتخب الوطني يأخذ الإمكانيات التي يستحقها، كان يكتفي بتجمعات تدريبية في مدينة القنيطرة، وفي قاعة الهلال الأحمر بمدينة المهدية، بعد ذلك تيقنّا أن الدكيك، الحائز على الإجازة في الاقتصاد، لديه ما يؤهله للذهاب بعيدا مع النخبة الوطنية، فساعدناه على خوض دورات تكوينية خاصة بالمكوّنين في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وفي الاتحاد الدولي".
وأضاف الجفال، أن الانطلاقة الحقيقية للمنتخب الوطني داخل القاعة، كانت بعد الفوز ببطولة كأس إفريقيا في جنوب إفريقيا، في 24 أبريل 2016، موضحا: "تزامن فوز المنتخب الوطني بالبطولة مع مجيء الرئيس فوزي لقجع، إذ أن الأخير حرص على توفير جميع الإمكانيات اللازمة للعناصر الوطنية، من خلال إقامة تجمعات تدريبية خارج المغرب ومواجهة منتخبات عالمية، ناهيك عن تخصيص أجور ومنح مستقرة للاعبين والطاقم التقني، وهذا ما جعل المنتخب المغربي، في السنوات الأخيرة، يسير في خط تصاعدي إلى أن صار من أبرز المنتخبات العالمية، والفضل في ذلك يعود إلى هشام الدكيك، الذي آمنا بقدراته منذ أول يوم له مع الأسود".
زكى الدكيك، الذي تدرج في جميع الفئات العمرية لفريق النادي القنيطري، نتائجه الإيجابية مع النخبة الوطنية بالتأهل، للمرة الثانية، إلى نهائيات كأس العالم لسنة 2016، في كولومبيا، ثم الفوز بكأس إفريقيا، للمرة الثانية على التوالي، في السنة ذاتها، بمدينة العيون، حيث حصد كل من أشرف سعود، رضا الخياري، أنس العيان، على التوالي، جوائز هداف البطولة، أفضل حارس، أفضل لاعب، إضافة إلى التتويج بالبطولة العربية شهر ماي 2021، ثم بلوغ دور ربع نهائي كأس العالم في مونديال ليتوانيا، محققا إنجازا تاريخيا لم يسبق أن حققه أي منتخب عربي أو إفريقي.
يعتبر هشام الدكيك، حاليا، من أبرز مدربي كرة القدم داخل القاعة على الصعيد العالمي، استنادا إلى الاتحاد الدولي "فيفا"، الذي وصفه بـ"الخبير الاستراتيجي"، مشيرا إلى أنه المدرب الوحيد في العالم الذي يشارك في المونديال لـ3 مرات متتالية مع منتخب واحد.
حسب أحد المقربين منه، فإن الدكيك، بقدر حرصه على الالتزام بخططه التكتيكية في المباريات والتداريب، بقدر ما يحرص، في حياته الشخصية، على الانضباط والالتزام واحترام المواعيد، وهذا الأمر تدركه العناصر الوطنية جيدا، فتجدها تسير على النهج نفسه، وهذا الأمر، يقول المتحدث ذاته، "مصدر قوة المنتخب المغربي".
يحب الدكيك العمل في صمت، بما توفر له من إمكانيات، يفضل البقاء بعيدا عن الأضواء والصخب، فتجده هادئ أثناء الفوز، لا يفرح كثيرا، وحكميا في الخسارة، يحزن ولا يبدي ذلك، لكن دائما يطمح إلى الأفضل والعمل والاجتهاد المتواصل.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة