سياسة
الميركاتو الانتخابي .. استقالات من البرلمان تتحدى القوانين
12/07/2021 - 10:26
يونس أباعليقدم عدد من البرلمانيين استقالاتهم في الآونة الأخيرة، بعدما لم يتبق من الولاية التشريعية سوى شهرين على الانتخابات، تمهيدا لالتحاقهم بأحزاب جديدة غير تلك التي ترشحوا باسمها. فقد أعلن مجلس المستشارين، في جلسته الأخيرة، عن استقالة سبعة من أعضائه، ينتمون إلى أحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار. وقد تمت إحالة هذه الاستقالات على المحكمة الدستورية.
وفيما استبق هؤلاء رحيلهم بالاستقالة الاستباقية، فقد جردت المحكمة الدستورية عددا آخر من البرلمانيين، بناء على طلب أحزابهم، على إثر التحاقهم بأحزاب أخرى. على غرار العدالة والتنمية الذي راسل المحكمة لتجريد نائب عمدة مراكش وآخرين قرروا مغادرة الحزب.
اجتهادات دستورية.. لكن
في القوانين الانتخابية التي صُوت عليها مؤخرا، نص مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب على أنه يصبح من حق الأحزاب مراسلة رئيس مجلس النواب بهدف طلب طرد نائب برلماني بسبب التخلي عن انتمائه السياسي.
وكما أعلنت وزارة الداخلية ضمن المذكرة التقديمية لمشروع القانون التنظيمي أن الهدف هو "تعزيز إجراءات التخليق المتخذة في مجال محاربة ظاهرة الترحال السياسي"، وبالتالي منح التجريد من صفة عضو في مجلس النواب في حق كل نائب تخلى خلال مدة انتدابه عن الانتماء إلى الحزب السياسي الذي ترشح باسمه لعضوية المجلس.
ويجوز للحزب السياسي الذي ترشح النائب المعني باسمه أن يلتمس تجريده من صفته النيابية، وحينها تصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد الذي يشغله المعني بناء على إحالة من رئيس مجلس النواب.
وتنص المادة 20 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية كما وقع تغييرها وتتميمها على أنه لا يمكن لعضو في أحد مجلسي البرلمان أو في مجالس الجماعات الترابية أو في الغرف المهنية التخلي عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، تحت طائلة تجريده من عضويته في المجالس أو الغرف المذكورة.
أما الفصل 61 من الدستور فينص على أنه "يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات أو الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها.
وتصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد، بناء على إحالة من رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر، وذلك وفق أحكام القانون التنظيمي للمجلس المعني، الذي يحدد أيضا آجال ومسطرة الإحالة على المحكمة الدستورية".
غير أن هذه الاجتهادات التشريعية تصطدم برغبة المعنيين في ضمان مقاعدهم، وهو ما يرفع وتيرة "الميركاتو السياسي"، خصوصا أن الدستور يُجرم الترحال في وسط الولاية ولا يمنع الاستقالة والترشح باسم حزب آخر. كما أن القانون التنظيمي للأحزاب السياسية ينص على حرمان النائب البرلماني من الترشح لولايتين في حال تغيير اللون الحزبي.
الانضباط السياسي.. أصل المشكل
هذه الترسانة القانونية الموجهة ضد الترحال، يقول محمد غالي، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري، جامعة القاضي عياض – مراكش، إنها ساهمت، تقنيا، في الحد من الظاهرة، لكن ما لا يمكن ضبطه هو ما سماه "الترحال الوجداني" المبني على قدرة الحزب على تأطير وفرض الانضباط على منتخبيه.
وأكد غالي، في تصريح لـSNRTnews أن النصوص التقنية أعطت مفعولها، لأن الترحال داخل الانتداب لم يعد موجدا. إلا أن مسألة انضباط المنتخب لحزبه هي المشكل، لأن القانون يقول إن التصويت حق شخصي، بمعني لا يمكن أن يفرض الحزب التصويت على جميع منتخبيه، وبالتالي الإجراءات التقنية لم تضبط السلوك السياسي الذي يحدده التأطير والتنشئة الحزبية، يقول المحلل السياسي.
وفي نظر غالي، يطرح الترحال سؤالا متعلقا بمدى قدرة الحزب على سن التزام أخلاقي، مضيفا أن الأحزاب لم تستطع فرضه لسبب بسيط هو أن هذه الكيانات همهما هو إعطاء التزكيات لمنتخبين قادرين على الحصول على المنتخب، بعيدا عن القناعات.
وخلص إلى أنه "من الطبيعي أن يفكر المنتخب بالتضحية بما تبقى من ولايته لضمان ولاية جديدة، وهذا ما يعيد التأكيد على أن التدبير داخل الحزب هو المحدد الرئيس للعملية، في ظل صراعات الاستقطاب والإغراء بالتزكية".
ميثاق أخلاقي لمحاربة "سرقة المنتخبين"
أمام عجز القوانين رغم التجريم الدستوري للظاهرة، كثف مؤخرا زعماء أحزاب الأصالة والمعاصرة والاستقلال والتقدم والاشتراكية والتجمع الوطني للأحرار اجتماعاتهم في هذا الصدد، واضعين احتمال الاعتماد على "ميثاق أخلاقي"، لعله يمنع "الرحل" من تحركاتهم.
ويسعى هؤلاء الزعماء إلى ضم باقي الأحزاب إليهم لتطويق الظاهرة التي يتفقون على أنها تسيء للممارسة الحزبية وتزيد من هول العزوف السياسي. لكن لم يتم الاتفاق على أي ميثاق في هذا الصدد.
وعن مدى نجاعة وضع هذا الميثاق، قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية: "أنا أؤمن بالقانون، والسياسة أخلاق، لكن هل يؤمن الجميع بأنها كذلك؟ هناك أحزاب تؤمن بهذا وأخرى لا تؤمن وتعمل بقانون الغاب الذي يجعل من العملية تعمّ ويصعب أن يبقى الشخص ملتزما بمبادئه.
ويشدد في تصريح لـ"SNRTnews" على أن هذه الظاهرة لم تعد بتلك الحدة التي كانت عليها، وأن الترحال وسط الولاية انتهى، غير أنه استدرك قائلا إن الأمر يقتصر على فترة نهاية الولاية التشريعية التي يقع فيها "خروج المنتخب عن التزامه"، مضيفا أن الراحل خلال الولاية التشريعية يتعرض لعقوبات من حزبه الذي يتبرأ منه وهو ما حدّ من هذه التنقلات.
وختم تصريحه بالإشارة إلى أن الترحال يسيء للمُنتخب، على اعتبار أن "هناك من يلتحق بالحزب ليس انطلاقا من قناعات، وبالتالي يسهل عليه الانتقال من هنا إلى هناك".
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة