مجتمع
جواز التلقيح .. من يحق له المراقبة؟
22/10/2021 - 16:57
وئام فراجأكد أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن فرض الحكومة لجواز التلقيح يطرح ثلاثة تحديات كبرى من الناحية القانونية.
إشكالات قانونية
يتجلى أول تحد، وفق السعيد، في مسألة الشرعية، موضحا في تصريح لـSNRTnews، أن الجهات التي ستراقب هذا الجواز يشترط فيها التوفر على الصفة الضبطية، نظرا لتضمن جواز التلقيح بيانات وأسماء عائلية وشخصية.
ويتمتع بهذه الصفة الأشخاص الذين أوكل لهم القانون الجنائي والمسطرة الجنائية ومجموعة من القوانين الأخرى الصفة الضبطية؛ من قبيل رجال الشرطة والدرك وغيرهم من ممثلي السلطة العمومية.
أما الإشكال الثاني فيعد، وفق الأستاذ الجامعي، تحديا براغماتيا نفعيا، بمعنى أن تفويض عملية مراقبة جواز التلقيح لأشخاص لا يتمتعون بالصفة الضبطية، من قبيل العاملين في القطاعات الخاصة، سينتج عنه مراعاة مصلحة الربح على مصلحة القانون، إذ يظل احتمال وجود تواطؤ بين العامل والزبون الذي لا يتوفر على جواز التلقيح واردا، من أجل تفادي الخسارة.
وفي ما يتعلق بالتحدي الثالث، يضيف السعيد، فيرتبط أساسا بكيفية مراقبة هؤلاء الأشخاص الذين فوضت لهم الحكومة سلطة مراقبة جواز التلقيح، بمعنى "من يحرس الحارس؟". وأوضح، في هذا الإطار، أنه "في حال كانت السلطة التي ستحرص على مراقبتهم، فهذا يعد هدرا للزمن، ما يبرز أن هذه القرارات غير محسوبة زمنيا"، وفق السعيد.
ولتجاوز هذه التحديات، يقترح الأستاذ الباحث، والمتتبع للشأن السياسي، أن تتم إعادة النظر في هذا القرار، وذلك على ضوء التجارب المقارنة بين مجموعة من الدول التي اعتمدت بدورها جواز التلقيح، مشيرا إلى وجود دول، مثل سويسرا، "فرضت جواز التلقيح لكن جعلته اختياريا في الكثير من المجالات، دون أن تحرم المواطنين الممتنعين عن التلقيح من الاستفادة من الخدمات، سواء التابعة للإدارة العمومية أو للقطاع الخاص".
فرض تدريجي
من جهته، يرى عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس أكدال-الرباط، أنه "لا يوجد أي إشكال قانوني في فرض الحكومة جواز التلقيح، بما أن الهدف منه هو دفع الناس إلى التلقيح للوصول إلى المناعة الجماعية". وأوضح، في المقابل، أن الإشكال القانوني يتعلق أساسا بمن له الحق في مراقبة هذا الجواز، مشيرا، في تصريح لـSNRTnews، إلى أن بلاغ الحكومة لم يتطرق إلى الطريقة القانونية التي تسمح بالمراقبة.
وأضاف، في هذا الإطار، أن العاملين في القطاعات المعنية بفرض جواز التلقيح لا يتوفرون على الصفة الضبطية التي تمكنهم من المراقبة الصحيحة، "ما يطرح إشكالا حقيقيا في حال رفض المواطن الإدلاء بهذه الشهادة".
وتساءل المتحدث ذاته إن كان نادل المقهى أو سائق الحافلة، على سبيل المثال، يتوفر على صلاحيات تمكنه من اتخاذ إجراءات قانونية في حق غير الملقحين الراغبين في الاستفادة من خدماتهم، من قبيل منعهم من الدخول أو التبليغ عنهم.
وبالإضافة إلى ذلك، أشار الأستاذ الجامعي إلى مسألة حماية المعطيات الشخصية، معتبرا أن هذا الأمر يطرح إشكالا كبيرا يتعلق بالإدلاء بمعلومات خاصة لشخص عادي غير مؤهل لحمايتها. وشدد، في هذا الإطار، على ضرورة تدخل الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، وتقديم رأيها في هذا الشأن، ومواكبة التطورات القانونية الحاصلة على مستوى الاستعمال الرقمي لهذه المعطيات.
كما اعتبر ابن خطاب، أنه "من المفترض في الحكومة تنفيذ قرار فرض جواز التلقيح على عدة مستويات، وبشكل تدريجي، وذلك قصد السماح للمواطنين وأرباب المقاهي والمطاعم والحافلات والحمامات، وغيرهم من المعنيين بالقطاعات الخاصة، على وجه الخصوص، باستعمال التقنية التكنولوجية التي تخول لهم عملية المراقبة من أجل تفادي التزوير". وأكد أن استعمال هذه التقنية بشكل دقيق، يتطلب التوفر على الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالمراقبة، والتي يكون ثمنها باهظا، داعيا الوزارة إلى إيجاد صيغة قانونية لهذه المراقبة، وإمداد الأشخاص المعنيين بها بالمعدات اللازمة للتأكد من صحة الجواز، أو توفيرها في الأسواق بأثمنة مناسبة.
ويرى المتحدث ذاته أن فرض جواز التلقيح أمر إيجابي من أجل تسريع عملية التلقيح، لكن، يقول مستدركا، "كان على الحكومة مناقشة طريقة اعتماده مع المجتمع المدني، والهيئات التمثيلية للمؤسسات المعنية بالمراقبة قبل صدور قرار اعتماده لولوج مجموعة من الأماكن".
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع