نمط الحياة
حمادي التونسي: المسرح والأغنية المغربيان ينعيان فقيدهما
11/10/2020 - 22:12
مهدي حبشيمن مؤسسي المسرح المغربي
ولد الراحل عام 1934، في سياق استعماري كرَّس تمسك المغاربة بالمحافظة على أصالتهم، سياق لم يكن اختيار مسارٍ فني أمراً هيناً في ظله. ويحكي مقربون من الفقيد كيف لم تنظر أسرته لاختياراته بعين الارتياح في بادئ الأمر، لولا أن قدر المبدعين أن يشقوا طريقهم رغم أنف العقبات.
أب الفنون كان أول محتضن لموهبة التونسي، الذي التحق منذ عام 1954، وهو ابن عشرين ربيعاً ليس إلا، بفرقة الراديو والتلفزيون المغربي، ثم بفرقة "المعمورة"، وكلتاهما من التجارب المؤسسة للمسرح المغربي، ليقدم أولى مسرحياته "ثمن الحرية" عام 1957، أشهراً قليلة بعد انتزاع الوطن حريته من المستعمر.
التونسي لم يكن "ممثلاً" مسرحياً بقدر ما كان "رجل مسرح" بامتياز، فاهتمامه لم يقتصر على أدائه التمثيلي، بل كان يتعداه لكل ما يتصل بالقطعة المسرحية من ديكور ولباس ونصوص، وفق ما يحكيه أحد معاصريه. أما حركته على الخشبة وصوته أثناء الإلقاء فتلك قصة أخرى...
جندي الأغنية المغربية الخفي..
وإذا كان جيل عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط يوصف بــ"الزمن الجميل" للأغنية المغربية، فإن الفضل في ذلك يرجع للتونسي بدرجة كبيرة، جندي الخفاء، الذي اختار أن يبدع للآخرين ما يطربون به مسامع المغاربة؛ "ما بان عليه خبار" لعبد الوهاب الدكالي، "ما فيك خير يا قلبي" لعبد الهادي بلخياط، أغانٍ من تأليف التونسي سطعت بها نجوم الفنانَين وخلدت إسمه بحروف من ذهب.
يجزم معاصروه أن السينما تنكرت له، ولم ينل حظه المستحق من صرحها، غير أن التونسي شارك في بضعة أفلام مغربية ودولية، كـ"عندما تنضج الثمار” لعبد العزيز الرمضاني أواخر الستينيات، و ”فين ماشي يا موشي" لحسن بنجلون، كما كان له ظهور في فيلم إيطالي يحمل عنوان ”الجسم الجميل يجب قتله".
رحل في صمت، وهو صمت أبلغ من أي كلمة.. وإن كانت نبرة نجله وهو ينعاه بكلمات مؤثرة كفيلة بقول كل شيء: "أكثر ما كان يعجبني في والدي هو عزة نفسه، لم يسبق أن طلب شيئاً من أحد، وتوفي شريفاً، شريفاً وفي غير حاجة لأي كان".