مجتمع
تراسبارنسي تدعو لمحاصرة الرشوة
09/10/2021 - 09:22
يونس أباعليتلك أهم توصية تجلت، الخميس بالرباط، خلال ندوة خضعت فيها دراسة جمعية ترانسبرانسي المغرب حول الرشوة وعلاقتها بالتنمية، لتشريح عدد من الخبراء الاقتصاديين، الذين اتفقوا على أن الفساد والرشوة مؤشران على تنمية سيئة.
فرامل متعددة
عند تقديمه لمضمون الدراسة التي أنجزت في سياق النقاش حول النموذج التنموي، أكد الاقتصادي سعيد الدخيسي أن الرشوة تتخذ طابعا نسقيا وغير مرن، ما يجعل الفساد يلعب دورا في استنساخ نظامه، مشيرا إلى أن الخلاصات تفرض اعتماد طريقة جديدة للحد من آثار هذه الظاهرة، لأنها تؤدي إلى إضعاف وتيرة النمو.
ويشير الدخيسي إلى أن الدراسة توصلت إلى أن الرشوة تكبح الاستثمار في علاقة بمناخ الأعمال وتوقعات المستثمرين الخواص، ويمتد ذلك إلى الاستثمار الخاص، حيث أنه عندما تكون القرارات المتخذة تعسفية تنجم عنها مخاطر مرتفعة،تضعف الفعالية.
وفي ما يتعلق بتطوير الإنتاج، يذهب إلى أن تأثيرات الفساد تزيد حدتها إذا تأثرت محددات العمل الجيد، والتي تتأتى من خلال التعليم والتدريب والصحة.
وذهبت الدراسة إلى أن الرشوة تؤثر على تنافسية الشركات، بما يؤدي إليه ذلك "تشوه لهياكل الإنتاج"، والفوارق الاجتماعية والمجالية، بل إن عدم وضوح قواعد المنافسة يفضي إلى اتساع دائرة القطاع غير المهيكل، الذي يزيد من تعميق ظاهرة الرشوة.
الراشدي: يجب تحقيق تنمية شاملة
في مداخلته، يرى محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن الرشوة من المعيقات الكبرى للتنمية وسبب من أسباب ضعف النموذج التنموي الحالي.
ويربط رئيس تلك المؤسسة الدستورية، بين الفساد وخيانة الأمانة وإساءة استخدام السلطة والزبونية، مبرزا أن كل هذه المظاهر تشجع الاقتصاد غير المهيكل واقتصاد الريع وتضعف المبادرات وتحد من قدرات الفاعلين الاقتصاديين.
ويتفق المسؤول نفسه على أن المغرب يعاني من ظاهرة الفساد، مشددا على أن رؤية السياسات العمومية قصيرة النظر، وهو ما يتجلى في المجال الاقتصادي، حيث أن 50 في المائة من موارد الدولة برسم الضريبة على الشركات مثلا تتأتى من 73 شركة فقط.
ودعا رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة من خلال تشجيع المقاربة التشاركية والابتكار والمنافسة الحرة، وضمان الوصول العادل إلى وسائل الإنتاج، والوضوح في تطبيق القوانين، وضمان توفر المعلومات العمومية.
مقاربة تنموية براغماتية
من جهته، يرى محمد بنموسى، عضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، أن محاربة الفساد والرشوة مسألة استراتيجية للمغرب، لتسريع وتيرة التنمية المنشودة.
وفي نظره يجب أن تكون هناك مقاربة براغماتية وعملية، وأكثر نفعية، تبحث عن تسريع معالجة الملفات، بطريقة دقيقة، لتسليط الضوء على عيوب المؤسسات والأجهزة، لاقتراح الحلول العملية، معتبرا أن الأمر صعب لكن في بعض الأحيان يجب تجاوز الأمور المبدئية.
ويعتبر بنموسى أن سوء الحكامة هو أكبر عائق أمام تحقيق التنمية، كما أشار إلى ذلك تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد.
وفي ما يتعلق بالآفاق، أبرز بنموسى أنه لا يجب الارتباط بهدف محاربة الرشوة والفساد بمفهومها العام، بل بمحاربة بدائل هذه الظاهرة، كتضارب المصالح والتدفقات المالية غير المشروعة والتهرب الضريبي وغسل الأموال.
الأفق الثاني في نظر بنموسى هو التنفيذ الفعلي والصادق للإصلاحات وتوصيات النموذج التنموي الجديد في إطار سياسة حكومية، مشددا على أن الإصلاحات المقترحة ليست انتقائية وأن على الحكومة الجديدة عدم الاكتفاء فقط بالتذكير بالأهداف والمبادئ العامة والطموح وفي مقابل ذلك تكون النصوص التشريعية غارقة في العموميات.
ثالث المسائل المطروحة في نظره هي أن هناك ملفات تستدعي اليقظة في نظره، من قبل الفاعلين السياسيين والحزبيين، لأنه تطرح إشكاليات، على غرار مصفاة لاسامير وقانون الإثراء غير المشروع، والاحتيال الضريبي الذي انتقد عدم معالجته من قبل الحكومات المتعاقبة، خاتما مداخلته بالتأكيد على ضرورة محاربة الرشوة والفساد لأن المغرب في منافسة دولية تفرضها العولمة.
توصيات الدراسة
قد أوصت الدراسة بأن تكون المساءلة فعالة وإلزامية، بالموازاة مع تحفيز المسؤولين الذين يعتبرون قدوة في النزاهة وفي أداء واجباته، وكذا إقرار هيئات مكلفة بتقنين وتنظيم القطاعات.
وتؤكد الدراسة أيضا على ضرورة أن يظل التعليم والصحة بالأساس في المجال العام، وتفعيل تفعيل دور البرلمان من خلال لجان التقصي والإخبار وبمشاركة أكبر للمنتخبين، وتفعيل دور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني للمساهمة في التأثير في مجال مكافحة الرشوة وخاصة بالنسبة للجمعيات من خلال تفعيل صلاحياتها الدستورية المتعلقة بتتبع وتقييم السياسات العمومية، والوقاية من الرشوة عبر التعليم وعرب اعتماد قيم أخلاقية، وتشجيع المقاولات على الانخراط في المسؤولية الاجتماعية للمقاولة وعلى الحكامة الجيدة.
وشددت على تحسين أداء الجماعات الترابية المحلية عبر الانتقال من متطلبات الموارد إلى متطلبات النتائج، مع التأكيد على تقييم ومراجعة عقود التدبير المفوض، وتحديد موقع ومكانة الخدمة العمومية في عمل الدولة.
مقالات ذات صلة
الأنشطة الملكية
مجتمع
مجتمع