سياسة
هل الحملات الانتخابية الافتراضية تأتي بالأصوات؟
11/07/2021 - 13:10
يونس أباعليساعدت وسائل التواصل الاجتماعي منتخبين ومترشحين في بدء حملة انتخابية افتراضية قبل انطلاق الحملة المباشرة مع المواطنين، إذ كثفوا حضورهم في وسائل التواصل الاجتماعي، مع اقتراب الانتخابات، عبر نشر فيديوهات ومنشورات... تتحدث عن أنشطتهم وتحركاتهم الحزبية والجماعية.
ولا يخفى كيف تحولت صفحات ومجموعات و"بروفايلات"، إلى منصات لها أهداف انتخابية مرسومة، بوعود أو حملات تضامن مع فئات، أو بالتسويق لمرشحين آخرين، بل حتى لاستهداف المنافسين المحتملين.
أمر يفرضه التطور الرقمي
يقول عصام العروسي، أستاذ العلوم السياسية، إن الأحزاب السياسية عرفت موجات استقالات وترحالا سياسيا، وأصبحنا نرى شخصنة المشهد الحزبي وليس هناك طابع حزبي يمكن أن يسم شخصية المنتخب.
وتابع في تصريح لـSNRTnews قائلا إن هناك منتخبين يدافعون عن مكتسبات فيما البعض يبخسون ويفندون، وبالتالي الظاهرة غير قابلة للقياس، وحتى بمنطق الطلب والعرض غير قابلة للمعاينة، لأن "الفوضى هي سيدة الموقف".
وقد تطور التواصل السياسي في الفترة الحالية بشكل مواز مع التطور الرقمي في ظل كثرة وسائل التواصل الاجتماعي التي تستغل بشكل أو بآخر.
وفي نظر العروسي "المجال الافتراضي غير متحكم فيه لأنه نافذة من لا نافذة له، ومصدر للارتجال والنقاش والمعارضة، وبالتالي تكون فعاليته ناقصة".
محتوى فوضوي
يصف عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس، تعامل منتخبين ومترشحين مع وسائل التواصل الاجتماعي بأنه حملة انتخابية، غير أنه يرى أن تعامل الأحزاب مع "السوشل ميديا" جاء متأخرا نوعا ما، ولم تنجح كلها في تحقيق انتقال رقمي، إذ هناك من استطاعت نخبها أن تستدرج مواقع التواصل الاجتماعي.
بحسب بنخطاب، في اتصال بـSNRTnews، فإن بعض المرشحين لا يبحثون عن مناقشة الأفكار، بل تسجيل المواقف، وتصريفها والرد على المواقف الرافضة، وهذا ما يدفع عددا من الناخبين إلى استعمال لغة مبسطة فيها قدر كبير من الشعبوية للوصل إلى أكبر قدر من الكتلة الناخبة.
وقال "محتوى ومضمون هذه الوسائط الرقمية لا يواكب الانتقال الرقمي المسجل، مضيفا أننا مازلنا أمام خطاب سياسي ذو مضمون كلاسيكي في حلة جديدة، ولا يوجد رقي سياسي مع متطلبات التحول الرقمي".
وتابع رئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية قائلا "للأسف منصات التواصل الاجتماعي في طبيعتها شعبوية، هذه القنوات تُسطح الخطاب السياسي وتركز على الأشخاص بغض النظر عن المضمون".
ويلخص إلى أن "هذه الفضاءات غير منتجة للأفكار، بل في أحيان فضائحية، لذلك نجد مرشحين ومنتخبين يفضحون منافسيهم بلغة تحاول النيل من الخصوم، وهذا ليس منافيا للعمل السياسي في الحقيقة، إذ تبدأ العملية السياسية من تبخيس عمل الخصوم، لذلك المرشح يقدم نفسه كأنه الأفضل، وهذا عادي لكن لا يجب احترام أخلاقيات التنافس السياسي".
توفير قدرة إقناعية
يسجل المصطفى عمراني، منسق المسلك المهني لعلوم الإعلام والتواصل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، أن شبكات التواصل الاجتماعي أثبتت خلال السنوات القليلة الماضية أنها رغم انتمائها إلى بنية الافتراضي، إلا أنها ليست بمعزل عن متابعتها لحركية الواقع بتموجاته المتعددة.
ويشرح في تصريح لـSNRTnews أنه إذا كانت الأحزاب السياسية تستغرق سنوات عديدة في التعبئة والاستقطاب وتكاليف السفر والانتقال لتأطير المهرجانات... داخل حيز ضيق يضم فقط مناضليها، فإن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تحشد أضعاف المتابعين في لحظة زمنية قياسية، كما تستطيع أن تجتذب كل الإيديولوجيات. ولعل هذا الوعي هو ما جعل المشتغلين بالمجال السياسي والحزبي ينقلون بؤرة اهتمامهم إلى هذه المواقع الاجتماعية.
وأبرز عمراني أنه إذا كان هدف الأحزاب السياسية هو الاستقطاب، فإن مواقع التواصل الاجتماعي توفر اليوم قدرة إقناعية لم يسبق لها مثيل، فمن يتحكم بإنتاج وتسويق صورة الحزب جيدا يتحكم بالمجتمع كله.
تسويق صعب
إذا كان التسويق الاقتصادي يقتضي ربح رهان الجودة لاكتساح قاعدة واسعة من الأسواق، فإن التسويق السياسي يقتضي ربح رهان عملية "الإخراج" الجيد لصورة الحزب السياسي في مواقع التواصل الاجتماعي، بالشكل الذي يسمح باستقطاب أكبر قاعدة من المتتبعين، وتوجيه أصواتهم في اتجاه لون سياسي معين، كما يشرح المصطفى عمراني.
ويستدرك قائلا إن مهمة تسويق الحزب عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليست بالأمر الهين، في غياب استراتيجيات واضحة، وتواصل سياسي حقيقي مع رواد شبكات التواصل الاجتماعي، ودراية كافية باهتماماتهم، واستيعابا أكثر بطبيعة تلقياتهم للصورة المسوقة عن الحزب السياسي وتأويلاتهم لها.
وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي، يضيف عمراني، "يمكن ربح حملة انتخابية، وإلحاق الخسارة بالخصم وأن نقيم الحجة أو ننقضها، ونرفع من قيمة الحزب أو نحط من صورتة. وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن نضخم من إمكانيات برنامج حزبي أو نقلل منها".
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة