سياسة
هل نجحت الأحزاب في اعتماد التواصل الرقمي لاستقطاب الشباب؟
02/02/2021 - 10:43
وئام فراجلم يعد الاعتماد على الأشكال التقليدية في التواصل السياسي كافيا لاستقطاب الشباب؛ إذ أصبحت الموجة الرقمية حتمية لكل الأنشطة الحزبية، وأضحت منصات التواصل الاجتماعي حلقة وصل بين الأحزاب السياسية والموطنين المغاربة، رغم التحديات التي مازالت تواجهها في هذا الإطار، بحسب مراقبين للشأن السياسي.
"كورونا" عززت التواصل الرقمي للأحزاب
أكدت ليلى ذاكري، عضو المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية ومسؤولة الإعلام والتواصل، أن الشبيبة الحزبية الاشتراكية انخرطت منذ وقت طويل في منصات التواصل الاجتماعي، وفق استراتيجية تهدف إلى تأطير النقاش العام.
وأبرزت ذاكري، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن الشبيبة نظمت، خلال فترة الحجر الصحي، ما يفوق 20 ندوة ومحاضرة، فضلا عن نقاشات مفتوحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، محاولة من خلالها مقاربة شتى المواضيع المرتبطة بالجائحة وآثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتجاوز مجموع متابعي هذه اللقاءات ستة ملايين مشاهدة، بحسب مسؤولة الإعلام والتواصل بمكتب الشبيبة الاشتراكية.
وأضافت ذاكري، ضمن تصريحها، أن الشبيبة تشتغل وفق استراتيجية ذات مستويين؛ الأول يتعلق باستقطاب الشباب وتحفيزه على الاهتمام بالشأن السياسي والاشتغال من داخل المؤسسات، والثاني يهم المساهمة في تأطير النقاش العام.
وقد بدأت هذه الاستراتيجية تأتي أكلها، تقول ذاكري، من خلال استقطاب الشبيبة للعديد من الطاقات الشابة التي لم تكن تؤمن بالاشتغال داخل التنظيمات الشبابية الحزبية.
من جهته، أكد نزار خيرون، مسؤول قسم مواقع التواصل الاجتماعي بحزب العدالة والتنمية، أن حزبه كان سباقا إلى إنشاء موقع إلكتروني مؤسساتي ينقل جميع أخبار الحزب على المستوى الوطني والمجالي سنة 2002.
وأضاف خيرون، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن حزب العدالة والتنمية أحدث بعد ذلك قسما خاصا بمواقع التواصل الاجتماعي قصد الإشراف على حسابات الحزب الرسمية والعمل على التحيين المستمر لها واقتراح برامج خاصة بهذه المنصات بالإضافة إلى مواكبة التعليقات والتفاعل معها، وفق خطة تواصلية رقمية يتم تحيينها كلما دعت الضرورة.
كما أبرز المتحدث ذاته أنه، منذ بدء جائحة فيروس "كورونا"، وإقرار حالة الطوارئ الصحية نظم الحزب عدة لقاءات تواصلية ذات بعد تحسيسي وتوعوي بمخاطر الجائحة وبضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية، مشيرا إلى إشراف قيادة الحزب على تأطير هذه اللقاءات عبر تقنية البث المباشر في منصات التواصل الاجتماعي بشكل يومي.
من جانبه، أكد عبد الجبار رشيدي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، أن جائحة "كورونا" دفعت الحزب للمرور إلى السرعة القصوى في استثمار الوسائل التواصلية الرقمية، مؤكدا، في حديثه مع "SNRTnews"، أن الحزب سيستمر في هذا المنحى على المدى البعيد، بالإضافة إلى العمل على تقوية التواصل الاجتماعي خلال فترة الانتخابات وبعدها.
وأضاف رشيدي أن وسائل التواصل الاجتماعي لا ترتبط فقط بالجائحة بل أصبحت أسلوب عمل، وطريقة مثالية للتواصل مع المواطنات والمواطنين، مشددا على ضرورة المزاوجة بين التواصل الرقمي والتواصل المباشر مع المواطنين في العمل السياسي.
إغناء النقاش العام
تطرقت حكومة الشباب الموازية، في دراسة تتعلق بحصيلة اللائحة الوطنية للشباب، إلى موضوع التأطير السياسي وعلاقته بالتواصل الرقمي، مبرزة أن دور مواقع التواصل الاجتماعي لم يعد يقتصر على التواصل بين الأفراد، بقدر ما أصبحت تشكل أهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام المغربي، وتشكيله وتنشئة الشباب سياسيا واجتماعيا.
وأبرزت الدراسة، التي يتوفر "SNRTnews" على نسخة منها، أن شبيبة الأحزاب انخرطت بدورها في عملية تأطير الشباب والإسهام في النقاش العام عبر مواكبة الأساليب الجديدة في التواصل، وتبني الرقمنة.
وتبين من خلال الاستطلاع الذي أجرته حكومة الشباب الموازية، في هذا الإطار، أن الشباب انخرط في توجيه النقاش من داخل مواقع التواصل الاجتماعي، وساهم في مواكبة المستجدات بتقنيات معاصرة، فضلا عن خلق دينامية جديدة للعمل السياسي، ومشاطرة المواطنين وخاصة الشباب منهم أرضيتهم الحديثة في النقاش.
استراتيجية تواصلية
يرى الأكاديمي والمحلل السياسي محمد بودن أن الشبيبات الحزبية اشتغلت بشكل ملحوظ على التواصل السياسي الرقمي، بعدما أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي وسيلة ناجعة من أجل التعريف بأي مشروع سياسي والترويج له، مشيرا، في تصريح لـ"SNRTnews"، إلى أن هذه الشبكات باتت اليوم منصات للنقاشات والتفاعلات حول مجموعة من المواضيع السياسية، كما مكنت وسائل التواصل الاجتماعي أعضاء الشبيبات الحزبية من عقد اجتماعاتها على مستوى الهياكل عن بعد بواسطة تطبيقات رقمية.
ورغم مساهمة هذه الشبكات في تعزيز التواصل بين الشباب من داخل الأحزاب السياسية وخارجها، إلا أن هذه العملية مازالت تتطلب تحررا من القيود التنظيمية التي يفرضها زعماء الأحزاب، يقول بودن، مضيفا أن العملية التواصلية الرقمية تتطلب قدرة كبيرة على التعبئة والحشد وكسب التأييد الجماهيري، وهو الأمر الذي لا يتم لمسه في نسبة التفاعل التي تحظى بها النقاشات السياسية على بعض الصفحات الحزبية.
ويرى المحلل السياسي أن نسبة كبيرة من الشبيبات الحزبية لم تتمكن من إقناع معارضي اللائحة الوطنية للشباب بمدى تحقيقها للأهداف المنشودة منها، كما لم تتمكن أيضا من إقناع الشباب بأهمية المشاركة في العملية السياسية، والانخراط في الأحزاب الوطنية.
وأشار بودن، في هذا السياق، إلى استمرار ضعف نسبة الشباب المنخرطين في الأحزاب السياسية، "إذ لا تتعدى هذه النسبة 1 في المائة، ولم تتحسن بتواجد الشبيبات الحزبية في شبكات التواصل الاجتماعي"، ما يتطلب، وفق المتحدث ذاته، المزيد من العمل على تقوية التواصل الرقمي للشباب من داخل الأحزاب السياسية، للنجاح في استقطاب المواطنين.
حملة انتخابية رقمية
وفي ما يتعلق بالحملة الانتخابية المقبلة، أكد الباحث في العلوم السياسية أن الحملات الانتخابية 2021 ستكون مختلفة عن سابقتها نظرا للظرفية التي يعيشها العالم بسبب تفشي وباء "كورونا".
وأبرز المتحدث ذاته أن الحملة الانتخابية التشريعية لسنة 2016 اعتمدت، بنسبة مهمة، على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "تقنية لايف"، مضيفا أن السنة الحالية، ستشهدف إقبالا مضاعفا على هذه الوسائط، مقارنة بالحملات التي كانت تهم الأسواق الأسبوعية والأحياء والمحلات التجارية، وتوزيع المطبوعات.
وأكد المتحدث ذاته أن الأحزاب السياسية تستطيع القيام بحملة تواصلية ناجعة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، لكن دون أن تنسى باقي الفئات والشرائح الاجتماعية التي لا تستعمل هذه المنصات.
ولتحقيق الغاية المنشودة من التواصل السياسي الرقمي، يرى بودن أن الأحزاب السياسية اليوم مطالبة بتطوير معايير استهدافها للناخبين،"كما يجب على كافة القيادات الحزبية التوفر على مستشارين في التواصل، واستراتيجية تواصلية تعزز حضورها في المجتمع، وتستقطب أكبر عدد من الشباب".
وأوضح المحلل السياسي، في السياق ذاته، أن جائحة "كورونا" ستقطع الطريق على الأحزاب ذات البرامج المتشابهة، "إذ ستجعل كل حزب يفكر في طريقته الخاصة لتقديم الحلول والأفكار المناسبة لكافة شرائح المجتمع".
وشدد المتحدث ذاته على ضرورة تحديد وسائل تواصلية جديدة لبناء العمليات التواصلية والبرامج الانتخابية، مشيرا إلى أن الأحزاب الآن مطالبة بتطوير معايير الاستهداف، عبر مراعاة نمط حياة المواطنين، والأخذ بعين الاعتبار وضعية المعطيات الجغرافية والعمرية للفئات المستهدفة، فضلا عن المواقف الإيديولوجية المختلفة.
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة