اقتصاد
هل يؤمن المغرب رصيدا مريحا من العملة الصعبة في 2021؟
04/12/2020 - 15:35
مصطفى أزوكاحوصل الرصيد الرسمي للعملة الصعبة في العشرة أشهر الأولى من العام الحالي إلى 294,6 مليار درهم، مسجلة زيادة بنسبة 23,3 في المائة؛ أي بحوالي 55,66 مليار درهم.
روافد تتراجع
وتأتى للمغرب تأمين ذلك الرصيد، رغم تراجع صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 31,2 في المائة في العشرة أشهر الأولى من العام الجاري، حيث وصلت إلي 11,69 مليار درهم.
وتجلى الانخفاض أكثر على مستوى مساهمة عائدات السياحة في الرصيد الرسمي للعملة الصعبة، حيث تراجعت تلك العائدة بنسبة 60,3 في المائة في متم أكتوبر كي تتدحرج إلى 26,64 مليار درهم.
وجاءت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج في مستوى عاكس التوقعات التي كانت تترقب في بداية الأزمة الصحية انخفاضها بشكل حاد، حيث ارتفعت في متم أكتوبر بنسبة 1,7 في المائة.
وتفيد آخر بيانات صادرة عن مكتب الصرف أن تلك التحويلات بلغت، في تلك الفترة، 55,83 مليار درهم، بعدما وصلت في الفترة نفسها من العام الماضي إلى 54,88 مليار درهم.
سد الخصاص
وكان والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري أكد، مع بداية الأزمة الصحية، وما واكبها من توقعات حول حالة عدم اليقين الاقتصادي بالمغرب ولدى شركائه، على أن المغرب يبحث السيناريوهات والتدابير الكفيلة بتخفيف تأثيرات الفيروس، بما فيها تلك الرامية إلى تعزيز رصيد العملة الصعبة.
وعمد المغرب في السابع من أبريل إلي السحب من خط الوقاية والسيولة، الذي وصلت قيمته إلى 3 ملايير دولار، وهو تمويل قابلة للسداد على مدى خمسة أعوام مع فترة سماح في حدود 3 سنوات.
واندرجت تعبئة تلك التسهيلات في إطار اتفاق خط الوقاية والسيولة، المبرم في 2012 مع صندوق النقد الدولي والذي جدد للمرة الثالثة في دجنبر 2018، حيث كان الهدف منه الاستناد عليه كتأمين في مواجهة الأزمات الخارجية، مثل تلك التي أفضت إليها الجائحة.
ووضع المبلغ المسحوب من هذا الخط رهن إشارة بنك المغرب وتوظیفه بشكل رئيسي لتمويل ميزان الأداءات، حيث اعتبر البنك المركزي ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن ذلك "لن يؤثر على الدين العام، الشيء الذي يعتبر سابقة في معاملات المغرب المالية مع صندوق النقد الدولي"، مضيفا أن "هذا القرار الجديد يعزز الإجراءات التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية والجهود المبذولة لتعبئة التمويلات الخارجية".
واعتبر بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، عند اتخاد قرار السحب، أن ذلك تبرره التأثيرات المنتظرة لجائحة "كوفيد-19" على الاقتصاد العالمي، بما له من تداعيات على الاقتصاد المغربي، لا سيما القطاعات والأنشطة الموجهة للخارج، خاصة صادرات المهن الجديدة للمغرب وعائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمین بالخارج والاستثمار الأجنبي المباشر.
وذهب البنك المركزي والوزارة إلي أن ذلك الخط سيساعد "في التخفيف من تأثيرات هذه الأزمة على اقتصادنا ومن الحفاظ على احتياطياتنا من العملات الأجنبية في مستويات مريحة، تمكن من تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب وشركائنا الثنائيين والمتعددي الأطراف في اقتصادنا الوطني".
ويلاحظ خبراء أن المغرب سعى إلى دعم موارده، من أجل مواجهة النفقات العمومية التي تفادى الاقتطاع منها بشكل كبير، بالإضافة إلى الرغبة في توفير احتياطي مريح من العملة الصعبة، ما يدعم ثقة الفاعلين في الاقتصاد ومحاصرة التخوفات أو المضاربة حول العملة.
وواصل المغرب اللجوء للسوق الدولية، حيث تمكن من الحصول على قرض بمليار دولار في نونبر الماضي، وهو من التمويلات الخارجية، التي راهن عليها المغرب من أجل دعم رصيده من العملة الصعبة.
ماذا عن 2021؟
كان والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري قد توقع، في شتنبر الماضي، على إثر انعقاد مجلس البنك، أن يناهز جاري رصيد العملة الصعبة في متم العام الجاري 294,7 مليار درهم، كي يتراجع إلى 289 مليار درهم في العام المقبل، ليغطي ما يعادل 6 أشهر و20 يوما من واردات السلع والخدمات.
ويشير خبراء إلى إلى أنه، في ظل الأزمة الصحية، تجلى أن تراجع الإنتاج والصادرات يقابله انخفض في الواردات، ما يساهم في تخفيف الضغط على الرصيد من العملة الصعبة، وهو ما تعكسه بيانات مكتب الصرف.
ويتجلى من تلك البيانات الصادرة في فاتح دجنبر الجاري أن الواردات انخفضت بنسبة 16,6 في المائة، كي تستقر في حدود 342 مليار درهم في متم أكتوبر، بينما تراجعت الصادرات بنسبة 10,1 في المائة، لتصل إلى 213 مليار درهم.
ويميل خبراء إلى أن الرصيد الرسمي من العملة الصعبة لن ينخفض كثيرا في العام المقبل، حيث يبقى مستواه رهينا بحجم الاستثمارات الخارجية المباشرة والمديونية التي يمكن أن تغذي ذلك الرصيد، خاصة مع الالتزامات المرتبطة بالوفاء بفوائد الديون.
ويعتبر الاقتصادي محمد بنعياد أن رصيد النقد الأجنبي يبقى رهينا في العام المقبل، بعائدات تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والاستثمارات الخارجية المباشرة والسياحة، معتبرا أنه إذا كان التضامن الذي يبديه مغاربة العالم مع أسرهم، قد يساعد في استقرار التحويلات، فإن عائدات الاستثمارات والسياحة تظل رهينة بالظرفية الدولية والتلقيح.
ويذهب، في تصريح لـ"SNRTnews"، إلى أن رصيد النقد الأجنبي قد يستفيد من تراجع الواردات في العام المقبل، الذي يوازيه انخفاض في الصادرات، خاصة أن تلك الواردات تمثل في المغرب في الأعوام الأخيرة حوالي ضعف الصادرات.