نمط الحياة
الأسماك.. الفلاح يكره "الحوت"
22/04/2021 - 22:56
يونس الخراشيبالمقارنة مع المساحة المائية؛ أي واجهتين بحريتين ممتدتين، متوسطة وأطلنتية، وشبكة نهرية كبيرة، يبقى الصيد قطاعا هامشيا، واستهلاك السمك زهيدا. يقول الدكتور محمد حبيدة، في كتابه "المغرب النباتي"، ثم يضيف:"لقد كان الفلاح يكره الحوت. وزادت الظرفية الدوية، ابتداء من القرنين الخامس عشر والسادس عشر، مع المد الإيبيري على حساب السواحل المغربية، من انكماش المغرب، وتراجعه نحو الداخل، تاركا بحاره للقوى الأوروبية. وتضاعف حضور هذه القوى بحصولها على رخص للصيد، إذ استفادت دول البرتغال وإسبانيا وجينوة وإنجلترا من مصايد الساحل الأطلنتي منذ القرن الخامس عشر، وملأت شباكها بأنواع السمك الوافرة والشهية، كالتن، والسردين، وكلب البحر، والقجاج، وثعبان البحر (الفرخ)، وسمك القد".
ولا يقف الباحث عند هذا الحد، وهو يحاول أن يفهم، ويفسر لنا أيضا، الأسباب التي دعت المغربة إلى التعفف عن الاهتمام بالسمك، ومن تم طبخه وأكله، إذ يقول:"وكانت إسبانيا، بالخصوص، قد استمرت في الاستفادة من الثروة السمكية المغربية، بحصولها على حق الصيد الحصري بالساحل الأطلنتي، كما تبين اتفاقية 1767، الموقعة في عهد سيدي محمد بن عبد الله"، ثم يخلص:"بناء على هذه الأمور يتضح أن السمك لم يكن يمثل شيئا يذكر في النظام الغذائي لأغلبية المغاربة، مما حرمهم من عناصر غذائية هامة جدا، كالبروتين والليزين والفوسفور والفيتامينات، لا سيما ألف باء وبي بي. لقد انحصرت وظيفته في تزيين موائد أهل المدن وتغيير رتابتها. يتعلق الأمر على نحو خاص بسمك الشابل المصطاد في النهر".
ويمضي الباحث في السياق نفسه، وهو يقول:"كان أهل فاس يطبخونه بطريقة تستجيب للذوق السائد، على شاكلة تحضير اللحم. فكانوا يأكلونه في شكل طجين، مصحوبا بالخضر، أو محلى بالتمر والقرفة. المسألة كانت مسألة ذوق بالدرجة الأولى، لأن المذاق الحلو كان جزءا لا يتجزأ من التقاليد المطبخية في البيوتات الحضرية".
في مقطع آخر من كتاب "المغرب النباتي"، نجد توضيحا آخر يخص الثقافة المطبخية المغربية ما قبل الاستعمار، إذ يقول الكاتب:"من ناحية أخرى، تستجيب الاختيارات الغذائية إلى تأثير العامل الاجتماعي، أي الوقع الذي يخلفه التراتب الاجتماعي. فالأذواق أو الاختيارات الغذائية، كما يقول أندري بورغيار، هي نتيجة لفوارق المجتمع. الكرم، مثلا، الذي يتغى به بعض الناس كفضيلة من فضائل الثقافة العربية الإسلامية، لم يكن يخرج عن قاعدة التراتب هذه. عبارة إنزال الناس منازلهم، التي نجدها في رسائل اليوسي، تكرس على نحو واضح وضع الناس في المجتمع".
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة