مجتمع
مرشد سياحي سرقت منه الجائحة مهنته
04/01/2021 - 14:55
مريم الجابري"عبد الحليم" خمسيني يتحدر من مدينة الدار البيضاء يروي، لـ"SNRTnews"، معاناته خلال هذه السنة، وبحسرة يقول: "يا خسارة على أيام زمان، كنت لا تجدني جالسا ولا متفرغا، وقتي أمضيه في عملي الذي صار جزءا من حياتي، لأنني لطالما اعتبرت "الكيد" (المرشد السياحي) مهنة نبيلة، فيها نوع من المساعدة للآخر".
وبصوت فيه نبرة قنوط يعبر "عبد الحليم" عن تقلص أو انعدام مدخوله الشهري، مع العلم أنه رب أسرة وأب لأربعة أطفال، ويقول: "بعدما تأزم الوضع، توجهت إلى العمل في بعض المحلات التجارية التي هي بدورها لم تكمل عملها بعد فرض الحجر الصحي، وغادرتها خاوي الوفاض".
كانت الأعين معلقة، وكل الآمال على فتح الحدود بعدما رفع الحجر الصحي، إلا أن "عبد الحليم" فوجئ بكون الحدود مازالت مقفلة، وأنه لا يوجد زائر في الأفق يؤنس وحدته، ويحرك جيبه الذي نفدت دريهماته.
منذ أن فتحت عيني وجدت أبي مرشدا سياحيا بالمدينة الكبيرة التي كانت لا تخلوا من الزائرين والمحبين لها، سواء داخل المغرب أو خارجه، والتي أصبحت الآن كقلب هجر ودفن، فالنسبة إلى عبد الحليم السياح والزائرون أهم من كل شيء.
يسترسل بصوت يكتنز فخرا واعتزازا كبيرين بمهنته: "أديت المهمة على أكمل وجه، إلى درجة أن بعض السياح أصبحوا أصدقائي وأرسلوا لي ولأبنائي هدايا كثيرة، وطلبوا مني زيارة بلدانهم، فذهبت إلى فرنسا وإسبانيا وألمانيا، وتم استقبالي بشكل لم أكن أتوقعه. فكما رحبت بهم في موطني، لقيت المعاملة نفسها هناك، وتعرفت على ثقافاتهم وحضاراتهم. إلا أن الجائحة وقفت حاجزا بيني وبينهم، ولا أنكر أن عددا كبيرا من أصدقائي خارج المغرب اتصلوا بي وتذكروني، ومنهم من أرسل لي بعض النقود، كثر الله خيرهم"، هكذا عبر عبد الحليم عن شكره لهم.
وعند سؤاله عما إن كانت مهنة المرشد السياحي تراجعت نوعا ما، قال بحزن شديد: "لم تبق كما كانت عليه، أصبح الجشع والطمع يعمي أعين الكثير من المرشدين السياحيين، الذين يطلبون أثمنة باهظة للزائرين، ويسوقون صورة سيئة عنا، نحن الذين كنا لا نعير اهتماما للربح المادي، بقدر ما نفكر في خلق علاقات محبة وصداقة بيننا والزوار، ومنهم من أدخلناهم بيوتنا وجالسوا عائلاتنا، لنثبت لهم أن المغرب بلد كرم وترحاب".
ويختم "عبد الحليم" بصوت يشوبه الهدوء، "الحمد لله على لطف الله، كنا على أمل زيارتهم لنا في رأس السنة، لكن بعد الإجراءات التي اعتمدتها الدولة، وغلق الحدود لن نسعد برؤيتهم. سنعيش على أمل فتح الحدود، الذي سيكون بالنسبة إلينا فتحا لقلوب اشتاقت وعانت بعد الفراق".
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع