سياسة
هل تندمج أحزاب فيدرالية اليسار دون تصدّعات؟
31/12/2020 - 11:05
مهدي حبشيوكان بيان صادر عن تلك الهيئة بتاريخ 27 دجنبر 2020، قد أعلن عن مقترحات ثلاثة تروم دمج الأحزاب المكونة للفيدرالية: (الحزب الاشتراكي الموحد، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حزب المؤتمر الوطني الاتحادي) في حزب واحد.
واقترحت الهيئة التي تضم ممثلين عن الأحزاب الثلاثة، عقد المؤتمر الاندماجي في غضون ستة أشهر إلى سنة واحدة على أبعد تقدير بعد انتخابات 2021، وعدم عقد المؤتمرات الوطنية العادية للأحزاب الثلاثة، أو تحويلها لمؤتمرات استثنائية، مع اعتبار أعضاء الهيئة التنفيذية المنكبة على قضايا الاندماج بمثابة لجنة تحضيرية للمؤتمر الاندماجي.
والفيدرالية هي تحالف سياسي يساري يضم الأحزاب المذكورة سلفاً، تأسست عام 2014 وشاركت مُجتمعة في الانتخابات التشريعية الماضية (أكتوبر 2016)، بحيث فازت بمقعدين برلمانيين يشغلهما كل من النائبين مصطفى الشناوي وعمر بلافريج.
وليس النقاش حول اندماج مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي في حزب واحد وليد اللحظة، بل يأتي القرار الأخير تتويجاً لنقاش استمر على مدى سنوات مضت، إذ كانت "أرضية الأغلبية" التي ظفرت بالمؤتمر الأخير للحزب الاشتراكي الموحد، الذي تقوده نبيلة منيب، قد وضعت اندماج مكونات الفيدرالية ضمن حزب واحد على رأس أولوياتها التنظيمية.
من جهة أخرى، انتقدت مكونات أرضيتي "الأفق الجديد" و"التغيير الديمقراطي"، اللتين نافستا الأرضية الفائزة بالمؤتمر، ما وصفته بـ"الهرولة نحو الاندماج"، إذ اعتبرت أن الأمر من شأنه "رهن الحزب بعلاقات مشبوهة مع جهات يسارية ونقابية تقادمت وبات وجودها رهيناً بريع مُعين".
ويقول حميد مجدي، عضو الهيئة التقريرية لفيدرالية اليسار الديمقراطي، إنه "لا يفهم هذا التسرع والإلحاح على الاندماج، رغم الخلافات الكبيرة المطروحة على طاولة النقاش بين مكونات الفيدرالية، بل حتى بين مكونات كل حزب على حدة"، مضيفاً أنه "قبل التفكير في الاندماج ينبغي أولاً مساءلة تجربة الفيدرالية التي لم تحقق حتى الحد الأدنى من أهدافها".
من جهته اعتبر عبد اللطيف المتوكل، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن الاندماج من شأنه أن يدر فوائد جمة على الأحزاب الثلاثة؛ "هناك حقيقة وقف عليها رجال الميدان، هي أن الكثير من الشباب معجبون بفيدرالية اليسار الديمقراطي ويرغبون في الانضمام إليها ودعمها سياسياً وانتخابياً. هؤلاء أنفسهم يجهلون وجود أحزاب اسمها الاشتراكي الموحد أو الطليعة أو المؤتمر الوطني الاتحادي...".
وفسر المتحدث قراءته بالقول إن الأحزاب الثلاثة تخسر الكثير من المتعاطفين بسبب اللبس الذي الحاصل بين "الفيدرالية" كلاعب انتخابي معروف، وبين الأحزاب الثلاثة التي تكونها، والتي لا تحظى بنفس الشهرة والصيت بين المواطنين والشباب على وجه الخصوص.
لا يختلف مجدي من جهته، مع التوجه الذي يعتبر الوقت حان للم شتات اليسار المغربي، قصد إرجاعه لتوهجه السابق، لكنه يتصور أن شروط اندماج الأحزاب بعضها مع بعض غير متوفرة في أحزاب الفيدرالية، مما سيجعل هذا الاندماج "تعسفياً" ومفروضاً بالقوة، وسيعيد إنتاج تجربة تأسيس الفيدرالية التي فشلت في نظره.
وفسر المتوكل توقيت الإعلان عن الجدولة الزمنية للاندماج، قائلاً إن هذا الأخير يحظى بإجماع مكونات الفيدرالية، "لكن بطريقة غير مباشرة هناك من ينتظر نتائج الانتخابات لاتخاذ موقف نهائي من مسألة الاندماج، وهذا أمر غير سليم أخلاقياً. يفترض إعطاء نوع من الثقة لمكونات الفيدرالية؛ بأن قرار الاندماج لا يخضع لأي اعتبارات انتخابية، وبأن نجاح التحالف من عدمه في الاستحقاقات المقبلة لن يغير شيئاً في التوجه نحو رص صفوف اليسار".
وأضاف: "يفترض أن تعقد الأحزاب الثلاثة مؤتمراتها العادية بعد الانتخابات بمدة وجيزة، ما يعني أن قيادات جديدة يمكن أن تصعد لسدة الحكم في تلك الأحزاب، قد يكون لها تصورٌ مختلف في مسألة الاندماج، أو قد ترفضه بشكل تام، لذلك كان لا بد من تحديد سقف معقول لموعد حدوث الاندماج، فيما يشبه (الميثاق)".
ويعتبر مجدي أن ثمة تباينات عميقة بين مكونات الفيدرالية الثلاث على مستوى أساسيات العمل السياسي، بل حتى على صعيد المرجعية الإديولوجية، إذ ينبغي أولا التساؤل حول "أي اشتراكية نريد؟"، يقول المتحدث مضيفاً؛ "كما أن المؤتمر الوطني الاتحادي، يشتغل مثلاً بنمط نقابي أكثر منه سياسي، بالنظر للصلة الوثيقة التي تجمعه بنقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل".
وقال إن أي مُبادرة وحدوية ينبغي أن تنتج عن العمل الميداني المشترك، وهو أمر شبه منعدم بين مكونات الفيدرالية في الوقت الراهن، كون هذه الأخيرة حتى الآن لا تعدو أن تكون تجمعاً انتخابياً.
وفي ما يتعلق بالنقط الخلافية، التي يتصور المتوكل أنها لا تتجاوز 20 في المائة من مجمل النقاش حول الاندماج، يقول إنه من الطبيعي أن لا يسر هذا التوجه بعض الأشخاص، لاعتبارات موضوعية وأحياناً ذاتية متعلقة بمكاسب شخصية. ولكنه يرى أن عدد الذين سيركبون ما وصفه بـ"قطار اليسار" بعد الاندماج، أكبر من عدد الذين سيتركونه، مشدداً على ضرورة أن تكون مرحلة انتقالية، قد تمتد حتى 10 سنوات لرص الصفوف، لكن ذلك لا ينفي أن الخيار الوحيد أمام اليسار المغربي سوى المواصلة بنفس الروح الوحدوية، للعودة إلى سابق عهده.
مقالات ذات صلة
سياسة