نمط الحياة
الخليع.. بنك اللحم والشحم
05/05/2021 - 00:29
يونس الخراشيبالنسبة إلى الدكتور أحمد الكامون، الحائز على دكتوراه الدولة في الأدب الإسباني، وزميله الأستاذ هاشم سقلي، دكتوراه في التاريخ عن الموريسكيين، في كتابهما المعنون بـ"التأثير الموريسكي في المغرب"، الصادر عن مركز الدراسات والبحوث الإنسانية بجامعة وجدة، فإن المغاربة نقلوا أكلة الخليع عن الأندلسيين / الموريسكيين، ويقولان في هذا الصدد:"يهيأ من لحم الماعز والغنم السمين، ويمكن حفظه لسنة أو سنتين، ولعل هذا النوع من الأطباق كان يهدف إلى الحفاظ على اللحم من الإتلاف والضياع. وقد برعت الأسر الأندلسية في إعداده، بدليل أننا لا زلنا نرى بعض العائلات العريقة تعده لحد الآن. ويورد لنا محمد داود مجموعة من الإرشادات التي تشير إلى إرسال قائد تطوان آنذاك، اشعاع، إلى السلطان العلوي، عبد الرحمن، الخليع. يقول محمد داود:"وعلى عادته القائد اشعاع مع الدار السلطانية، بعث إليها هذه المرة ثلاثين من الأواني مملوءة بالخليع"، مما يدل على براعة العائلات الموريسكية التطوانية في إعداد هذا النوع من الأطباق".
ولا يشير الدكتور محمد حبيدة، في كتابه "المغرب النباتي.. الزراعة والأغذية قبل الاستعمار"، إلى هذا الجانب، وهو يتحدث عن تعاطي المغاربة مع اللحم، في الفصل الثاني المعنون بالأغذية اليومية، إذ يكتفي بالقول:"وأما لحم البقر، فكان أقل شأنا (أي بمقابل لحم الغنم، الذي كان هو المفضل لدى الناس). إذا استثنينا لحم العجل الفتي الذي كان يقبل عليه بعض العارفين"، مؤكدا، في المقابل المغزى من تحضيره، إذ يقول:"فإن الأبقار كانت نحيفة على العموم ولحمها جاف عديم الطعم، ولذلك لم يكن البقري يصلح إلا لصنع ذلك اللحم المجفف على شكل شرائح والمحضر بالشحم، المعروف باسم الخليع، والذي يحفظ في قلال لمدة سنة أو أكثر، موفرا طعاما جاهزا للأكل في كل وقت وحين، في البيوتات الكبرى بالخصوص، كما هو الحال، مثلا، في البيت الدمناتي الذي أنفق 6703 مثقالا لتحويل سبعة ثيران إلى خليع سنة 1873".
وفي سياق حديثه عن المائدة المغربية والتمايز الاجتماعي، يقول الباحث، مشيرا، بالمناسبة، إلى حضور الخليع:"وتمكننا الوثائق المخزنية كذلك من الوقوف على هذا الرخاء الغذائي الكبير الذي عاشته دار المخزن في مختلف عواصم البلاد، فاس ومكناس ومراكش، إذ تتحدث عن أنواع المؤن التي كانت تزود الحضرة الشريفة في إطار التموين العادي، مياومة أو مشاهرة أو مسانهة، أو في شكل هدايا تأتي بها القبائل من جميع الجهات، كلحوم الضأن والدجاج وثيران الخليع وخوابي السمن، وقوالب السكر والقرفة والزعفران... كما كانت مطبخة السلطان لا تخلو من الخليع، هذا الطبق الدسم المحبوب لدى الخاصة، الذي كان يحضر سنويا بدار المخزن في مكناس، بمقادير هائلة: 123 ثورا، و18 قنطارا من الشحم، و282 قلة زيت".
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة