مجتمع
كنان.. من معالجة الإدمان إلى مواجهة "كورونا"
08/12/2020 - 10:31
حليمة عامركشفت الأزمة الصحية أكثر عن الوجه الإنساني الأصيل في الذين اختاروا تخفيف آلام الناس، حيث دفع بعضهم ذلك إلى تناسي أنهم بشر وأن الفيروس يتربص بهم. يسقط ممرض أو طبيب فريسة الفيروس، ويستمر الآخرون مرابطين في ساحة " الحرب ضد الفيروس".
في مواجهة الفيروس
عندما اشتد الضغط على المنظومة الصحية في ظل الجائحة، تمت الاستعانة بممرضين من تخصصات أخرى. وكان من هؤلاء عمر كنان، الذي انتقل للعمل بقسم "كوفيد-19" لمدة ثلاثة أشهر.
عمر كنان، 54 سنة، ممرض متعدد التخصصات، بدأ غمار هذه المهنة منذ عام 1993. خاض أول تجربة مهنية بمستشفى مولاي رشيد بسيدي عثمان، بمصلحة الإنعاش، قبل أن يلتحق بقسم تصفية الدم للكلية الصناعية.
في عام 2015 سيشتغل عمر كرئيس قطب الشؤون التمريضية بنفس المؤسسة، قبل أن يتم تنقيله ليشتغل بمركز طب الإدمان، المكلف بتتبع ومعالجة الإدمان، بسيدي مومن بالعاصمة الاقتصادية.
اضطرت "كورونا" عمر إلى الابتعاد عن زوجته ووالده، البالغ من العمر 90 سنة، كي لا ينقل لهما الفيروس. لقد ضغط ذلك على نفسيته كثيرا، خاصة أنه هو الشخص الوحيد المكلف بالعناية بوالده وبتطبيبه.
يقول عمر كنان، في تصريح لـ"SNRTnews": "وضعت في موقف محير جعلني عاجزا عن الاختيار؛ هل أتخلى عن والدي المريض وأتابع عملي بشكل عادي مع الإقامة بالفندق، أم أشتغل في جناح كوفيد وأتوقع الإصابة بكورونا؟". لكنه اختار مواجهة الفيروس.
واقع عمل جديد
عندما يتحدث عمر كنان عن يوميات مواجهة الفيروس على مدى ثلاث أشهر من عمله، لا ينسى زملاءه، إنه يتكلم بصيغة الجمع، كي يقول: "تشبثنا بابتسامة الأمل في وجه المريض. بعض زملائي وزميلاتي كانوا يعانون كثيرا، لكن الجميع كان يبدي الكثير من الجلد والصبر، ويخبرون المريض أنه سيتغلب على الفيروس. إنهم ملائكة الرحمة حقا".
ويضيف "خلال المدة التي قضيتها بجناح كوفيد، اشتغلت معنا ممرضات يعانين من أمراض مزمنة منها مرض الربو وصعوبة في التنفس، لكنهن كن ينسين ما هن عليه من هشاشة، ويسعين لطرد الفيروس من جسد المرضى"، ويؤكد أن من "الممرضات من جيء بهن من أجل سد الخصاص، على اعتبار أن القطاع يعاني من خصاص مزمن على المستوى الموارد البشرية، ومع ذلك لا يدخرن جهدا من أجل أداء الواجب".
عمل بدون توقف
كان عمر كنان يشتغل بقسم "كوفيد-19" يوميا لمدة 12 ساعة من العمل متواصلة ، وأحيانا كان يضطر للاشتغال لمدة 24 ساعة متواصلة وبدون توقف. ويزيد موضحا "تركت الكمامة أثرها على وجوهنا. معنا ممرضات في مقتبل العمر، خرجن من هذه المحنة بندوب بسبب الكمامة، يلزمهن مدة طويلة لتزول عن وجوههن".
يقول "يكفي النظر لوجه أي ممرض أو ممرضة كي تدرك مدى شراسة المعركة الطبية التي خاضوها ضد وباء كورونا، حيث اشتغلوا لساعات عمل طويلة، فبالكاد يحظون بقسط من الراحة وفي أي مكان يجدونه، بعد أن ضاقت الغرف بالمصابين".
وباء الإشاعة
كان عمر وزملاءه وزميلاته مستعدون لخوض تلك الحرب ضد الفيروس إلى نهايتها. كانت الإشادة بمجهوداتهم تنعش معنوياتهم أكثر من أي مقابل مادي، لكن الإشاعة كانت تحبطهم.
لا يخفي تذمره وغضبه، عندما يتذكر ماشاع بقوة حول عدم وجود الفيروس، ويستغرب لمن يطاوعه ضميره وقلبه، كي يزعم كذبا أن المرضى يحقنون بحقن مميتة من أجل التخلص منهم. غير أنه بعد الغضب، يتذكرون الواجب. فقد استمروا في أداء دورهم في التمريض والرعاية، يتناسون الإشاعات التي نشطت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويتناسون التعب. فمواجهة الفيروس تقتضي التركيز على إنقاذ الأرواح. تلك أمنية الأماني والجائزة الكبرى بعمر وزملائه.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
سياسة