نمط الحياة
عالم حفريات لـSNRTnews : المغرب غني بالمستحاثات الواجب تدريسها
08/11/2023 - 20:11
وئام فراجوفي هذا الإطار، أوضح عالم الحفريات المغربي نور الدين جليل، والأستاذ بالمتحف الوطني للعلوم الطبيعية في العاصمة الفرنسية باريس منذ سنة 2013، الذي ساهم في عدة اكتشافات مع فريق بحث دولي بالمغرب، أن المستحاثات (بقايا الحيوانات القديمة والآثار التي يخلفونها، مثل أثار أقدام الديناصورات) تمكن العلماء من إعادة تركيب التاريخ.
وشدد على أن الدراسات الميدانية، أظهرت إمكانية معرفة تاريخ الحيوانات القديمة؛ على رأسها الديناصورات، عن طريق البقايا التي يخلفونها في الرواسب، مشيرا إلى أن المغرب يعد من البلدان القليلة أو النادرة التي تقدم الكثير من الشهادات على التضاريس الرسوبية المتعاقبة التي ترسبت على سطح الأرض منذ أقدم العصور؛ أي من عصر ما قبل الكمبري إلى عصرنا هذا.
وأضاف أن هذه الأراضي، بما تحتويه من حفريات، تمكن من رواية وتوضيح تاريخ الأرض، "فكل منطقة من المغرب تقدم جزءً من هذا التاريخ".
ذاكرة الأرض
وأبرز جليل، ضمن حديث خص به SNRTnews، أن بقايا الديناصورات التي وجدت في المغرب لا تحكي بالفعل القصة الكاملة، لكن، يقول مستدركا، من خلال المستحاثات يمكن تتبعها، بحيث تسمح جميع الحفريات الموجودة في المغرب بتوضيح تاريخ أطول، لأن الحياة كانت وحيدة الخلية فقط.
وأشار، في السياق ذاته، إلى أن تاريخ الديناصورات، منذ ظهورها على الأرض، يعود لما قبل 237 مليون سنة حتى نهاية فترة حكمها قبل 66 مليون سنة.
ويعود التسلسل الزمني للاكتشافات الحفرية للديناصورات، وفق عالم الحفريات، إلى منطقة "تازوضا"، حيث تم اكتشاف أقدم ديناصور، Sauropode Tazoudasaurus، والصربوديات هي ديناصورت عاشبة ذات رقبة طويلة، فيما تم اكتشاف بمنطقة "كم كم" الموجودة في الجنوب الشرقي للمملكة، ديناصورات يتراوح عمرها بين 100 و94 مليون سنة، مبرزا أن الفوسفاط سمح باكتشاف آخر الديناصورات غير الطائرة وذلك إلى ما بعد الأزمة التي أدت إلى انقراضها.
وأضاف عالم الحفريات المغربي، أن الحفريات هي ذاكرة الأرض، معتبرا أنها بمثابة شواهد تتيح إعادة تشكيل تاريخ الحياة؛ إذ تخبر الحفرية، كيفما كان أصلها الجغرافي، عن التاريخ الجيولوجي للمنطقة التي توجد بها.
وأشار إلى وجود 3 حقب جيولوجية تتحدث عنها المستحاثات بالمغرب؛ وهي الحياة القديمة والحياة المتوسطة والحقبة الحالية، مبرزا أن هذا الأمر يؤكد غنى الحفريات المغربية وتنوعها.
متاحف وتحفيزات
ورغم هذا التنوع والغنى الذي يتميز به المغرب في مجال الحفريات، إلا أن المجهودات المبذولة للتعريف بها وحمايتها مازالت غير كافية، وفق علماء الحفريات.
وفي هذا الإطار، سلط نور الدين جليل، الضوء على أهمية المتاحف في الحفاظ على هذه الذاكرة؛ إذ تعد بمثابة منصة تجعل العالم يحكي قصص المستحاثات وإيصال نتائج الأبحاث المنجزة للعموم.
وقال جليل: "إنه لسوء الحظ لا نتوفر على متاحف تمزج بين مجموعات تحفظ هذا التراث للأجيال القادمة وبين معارض تظهر هذه الثروة الجيولوجية للمملكة (collection + exposition)".
كما شدد على أهمية توفير الوسائل الكافية للباحثين المغاربة من أجل تشجيعهم على البحث في الميدان والاحتفاظ بهذه الاكتشافات داخل أرض الوطن، مبرزا أن المشاكل المادية تعد من أكبر المعيقات التي تواجه الباحثين في علم الحفريات.
ثروة هائلة يجب تدريسها
من جهة أخرى، يرى عالم الحفريات المغربي، والذي سبق أن درس في كلية العلوم السملالية بمراكش، واشتغل على اكتشافات عديدة بالمنطقة، أنه بات من الضروري تخصيص متاحف جهوية تعرف بثروة كل منطقة مغربية، بالإضافة إلى متاحف وطنية تشتمل على نماذج من المستحاثات المكتشفة بهذه المناطق.
وأكد أن هذا الأمر يستدعي وعيا من كل منطقة بهذه الثروة، ومنح الإمكانيات اللازمة للكفاءات من أجل الحفاظ عليها وحمايتها من السرقة، لافتا إلى وجود وعي متزايد لدى المسؤولين بهذا الأمر وأن إنشاء متاحف تحافظ على هذه الذاكرة مجرد مسألة وقت.
واعتبر أن علم الحفريات في المغرب يشكل ثروة هائلة، فيما مازال يفتقر إلى الكفاءات العلمية للبحث فيه، كما أن الدراية بهذه الحفريات غير مكتملة، "لهذا فالطريق مازال طويلا لتثمين هذا العلم والإرث الثقافي والتاريخي".
وختم عالم الحفريات حديثه بدعوة المسؤولين إلى تدريس هذا العلم والاكتشافات التي تزخر بها المملكة ضمن المقررات التعليمة، لكي يعي التلاميذ بتاريخهم وبغنى أرض المغرب بمستحاثات تشهد على تطور الحياة على وجه الأرض منذ ملايين السنين.
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
مجتمع
نمط الحياة
نمط الحياة